الخميس، أكتوبر 29، 2009

قضايا في الفكر المعاصر المؤلف: محمد عابد الجابري



قضايا في الفكر المعاصر: العولمة - صراع الحضارات - العودة إلى الأخلاق - التسامح - الديمقراطية ونظام القيم - الفلسفة والمدينة

المؤلف:
محمد عابد الجابري
عدد الاجزاء: 1
سنة النشر: 2003
الطبعة رقم: 2
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
صفحة: 156

الناشر:
لننطلق في هذا المؤلف الخاص بـ قضايا الفكر المعاصر من "المدينة والفلسفة"، فالمستهدف اساسا هو "المدينة" كما تتحدد بـ "الفلسفة".
المدينة، في معناها العام، الذي تعطيه قواميس اللغة يختلف باختلاف الحضارات. لتكن نقطة بدايتنا اذن هي قاموس اللغة العربية وحضارتها.
مما جاء في لسان العرب حول مادة (م.د.ن) ما يلي: مدن بالمكان: اقام به، ومنه المدينة، هذا قول. وهناك قول آخر يرى ان "مدينة" هي مفعلة من دنت اي ملكت. وفي هذا السياق يقال للامة (انثى العبد)، مدينة اي مملوكة، من الدين. ومنه قولك انا مدين لك بكذا... اما عبارة "ابن مدينة" فتعني في لغة العرب، عرب الجاهلية، ابن امة، والمدينة ايضا :الحصن.
ومن الالفاظ العربية التي تفيد معنى "المدينة"، بمعناها المعاصر او القريب منه، كلمة "حضر" الحضر: ضد البادية وهو من الحضور والاستقرار في الارض، وذلك في مقابل "البدو" و"البداوة" التي تعني سكنى البادية = العارية، العراء). ومن هنا يتميز البدو بالحل والترحال وعدم الاستقرار. اما كلمة "مصر" والجمع "امصار" فمعناها: كورة لتوزيع الفيء واقامة الحدود.
اما في القاموس الفرنسي فكلمة "فيل" (Ville) (مدينة) اصلها اللاتيني من "فيلا" (Villas) ومعناها: الضيعة، الدار في "الريف " (المزارع). وفي الاستعمال المعاصر: تجمع سكني جغرافي واجتماعي قوامه بنايات تخترقها طرقات وسكان يعملون في التجارة والمهن والصناعة... الخ (ولكن ليس في الفلاحة). والنسبة الى المدينة بهذا المعنى "أوربان" (Urbain) ومنها " اوربانيسم" (Urbanisme)، وهما معا من "أوربس" (Urbus) التي تعني: المدينة، باللاتينية كذلك.
"المدينة" بهذا المعنى الجغرافي الاجتماعي ليس لها علاقة مفهومية بالفلسفة. فلننتقل الى لفظة اخرى تستعمل مرادفا لـ "المدينة"، في اللغات الأوروبية، ولكن مع فارق. انها لفظة "السيتي" (Cité City) . هذه اللفظة ليس لها مقابل خاص في لغتنا. ولعل اقرب الكلمات العربية الى معناها لمة "الحاضرة" لانها تشير الى حضور القوم والى الحضارة، خلاف البداوة. ومع ذلك فـ "السيتي" لا تعني مجرد الحضور، بل تفيد اكثر منذلك... انها باللاتينية "سيفيتاس" (Civitas) ومعناها "الشخصية المغعنوية والقانونية التي قوامها مجموعة من "المواطنين" (= سيتوايان بالفرنسية (Citoyen) وسيتيزن بالانكليزية (Citizens) : سكان السيتي) ويعيشون بصورة مستقلة تسري عليهم نفس القوانين". ولعل اقوى تمييز بين المدينة بمعنى "فيل" و"السيتي" هو قول جان جاك روسو: "المنازل تشكل المدينة (=فيل) اما المواطنون فيكونون السيتي".
ومما تجدر الاشارة اليه هنا ان كلمة "مواطن"
بالعربية التي يراد لها ان تؤدي معنى "سيتيزن" (او سيتوايان بالفرنسية) لا تعبر بدقة عن المعنى المقصود. ذلك انها تحيل الى "الوطن"، وبالتالي فالمواطن هو من يشارك غيره في الانتماء الى وطن، والوطن (Partie) (باتري) ارض قبل كل شيء وهو غير السيتي. ان عضو السيتي الذي يراد لكلمة مواطن ان تدل عليه، هو الشخص "الذي يتمتع بالحقوق الخاصة باعضاء الـ "سيتي (مدينة او دولة)، وذلك بالعكس من "سوجي" (Sujet) (= احد افراد الرعية). ومن هنا شعار: "مواطنون لا رعايا". هناك عبارة للمفكر الفرنسي الان مشهورة تلخص الموقف كله ونصها: "خصلتان تميزان المواطن (=سيتويان): المقاومة والامتثال. بالامتثال يضمن النظام وبالمقاومة يضمن الحرية".
فهل للمدينة بهذا المعنى الروماني القديم علاقة مفهومية بالفلسفة؟


http://www.4shared.com/file/11471979..._--___-__.html

-

 
Free Hit Counter Search Engine Submission - AddMe