بخور الآلهة
تأليف: خزعل الماجدي
تأليف: خزعل الماجدي
لم يعد هناك شك في أن تلازم الجوانب الروحية مع الجوانب المادية للإنسان كان وما زال السبب الرئيس في التبدلات النوعية التي شهدها الإنسان منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا.
وإذا كانت منظومة السحر والعرافة والأسطورة والدين تشكل الجانب الروحين فإن الطب والفلك والكيمياء تشكل بدايات العلم وهو يفحص الإنسان والكون والأشياء، وكانت تلازمهما أمراً لا مفر منه لأن الإنسان كان يرى العلم ويتصل به بروحه لا بحواسه فقط. وقد هال العلماء والباحثين هذا التلازم الذي حفل به الشرق القديم والذي كان مدعاة لانسجام وتناغم ظل الإنسان متوازناً فيه بدعة وسلام، وحتى إذا ما جاء عصر الإغريق بدأت الإنشطارات والتشققات تسري بين هذه الحقول، ومازالت إلى هذا اليوم، ورغم التقدم العلمي السريع الذي تحقق من جراء ذلك.. إلا أن هذا العزل الحاد بين حقول وعي الإنسان وتجربته أضر بالإنسان وبانسجاماته مع محيطه وقواه، وكم من شاعر أو فنان أو عالم ذي رؤيا بعيدة حاول خياطة الشق الذي فضل بين الروح والعلم إلا أن سعير العلم والمادة محفوفاً بنزعات الاستهلاك السريع، كلها، حالت دون ظهور توازن جديد.
هذا الكتاب، وهو في الأساس أطروحة دكتوراه تقدم بها الباحث "خزعل الماجدي" إلى معهد التاريخ العربي والتراث العلمي للدراسات العليا، هو محاولة لفحص التلازم بين الطب والسحر والعرافة والأسطورة والدين في تراث وادي الرافدين (سومر، أكد، بابل، آشور)، وقد آثر بعد حصوله على شهادة الدكتوراه أن يعد هذه الأطروحة ككتاب يتناسب مع إمكانية تقديمه سلساً للقراء، ولذلك لين الجانب الأكاديمي وجعله أكثر استساغة لمقتضيات القراءة الممتعة فوضع ما يتناسب من التعديلات ووسع الفصل الأول الخاص بالمقدمة العامة للسحر والأسطورة والدين والعلم وجعله فصلاً يصلح أن يكون كتاباً قائماً بذاته لهذه الحقول بغض النظر عن زمانها ومكانها.
كذلك أضاف ما يستحق في الفصل الأخير المخصص لنظرة العلوم الحديثة لهذه الحقول حتى بدا هذا الفصل أيضاً وكأنه كتاب منفصل تطل من خلاله العلوم النفسية (السايكولوجية والباراسيكولوجية)، والعلوم الطبيعية (الكوانتية والنسبية والكلانية) إلى السحر والعرافة والأسطورة والدين، وتفسرها إما من خلال قوى تصادمية بين الإنسان والكون كما في علوم الباراسيكولوجية، أو من خلال قوى غامرة يموج بها الكون ويشمل بها الإنسان باعتباره عقدة أو ندبة طاقوية كما في العلوم الطبيعية.
الناشر:
هذا الكتاب ثلاثة كتب في آنٍ واحد، فهو إذ يلقي الضوء على ممارسات الطب والسحر والعرافة والطقوس والشعائر الدينية ونصوص الأساطير في العالم القديم، فإنه يحاول كشف تلازمها مع بعضها، ويحلل مضامينها العميقة والمسببات الخفية التي كانت وراء ظهورها.
يبدأ الكاتب بمقدمة علمية وافية تشكل كتاباً مستقلاً بذاته عن السحر والأسطورة والدين والعلم.. في محاولة لحصر كل حقل على حدة وفرزه عن الحقول الأخرى، ثم بيان العلاقة والتداخل بينها.
كما يختم الكتاب بفصل متميز يستعين بالعلوم الحديثة (النفسية والباراسايكولوجية وعلوم الكوانتية وعلوم الكلانية أو المبدأ الشامل) لتفسير ظواهر السحر والعرافة والأسطورة والدين في العصور القديمة والحديثة معاً.
هذا الكتاب يذهب في مناطق المجهول الكوني والروحي ويحاول استنطاقها وكشف بعض ما خفي منها بتحليل علمي وأدوات بحثية جديدة.. وهو إلى جانب ذلك يجعلنا نشم بنشوة بخور الآلهة المتصاعد من تلك الأزمان البعيدة.
-